أنواع السفر:
أ- سفر محمود:
وهو ما كان في طاعة الله تعالى: كالسفر لأداء الحج أو العمرة، أو الجهاد في سبيل الله والدعوة إليه، أو لطلب العلم النافع، أو لصلة الأرحام، أو زيارة الأخوان في الله.
ب- سفر مذموم:
وهو ما كان لأمر لا ترتضيه الشريعة: كالسفر لزيارة القبور، أو المتاجرة بأمر محرم، كالمخدرات، والمسكرات، أو لغرض الفساد.
ج- سفر مباح:
كالسفر لأجل مصلحة دنيوية مباحة: كالتجارة المباحة، أو النزهة الحلال، وقد يرتقي هذا النوع ليكون من قبيل السفر المحمود المثاب عليه إذا صحبه نية صالحة وموافقة للشريعة، كالسفر لتحصيل المال؛ ليعف نفسه عن المسألة، ويطعم ولده الحلال، ونحو ذلك.
من الأمور التي تميز بها السفر:
أ- ما يتعلق بالطهارة:
يجوز للمسافر استدامة لبس الجوربين ثلاثة أيام بلياليهن، وإذا حضر وقت الصلاة وبحث عن الماء فلم يجد فإنه يتيمم، إلا أنه لا ينبغي التساهل الآن مع توفر مواضع كثيرة يوجد بها الماء بحمد الله دون عناء ولا مشقة.
ب- ما يتعلق بالصلاة:
يشرع للمسافر قصر الرباعية إلى ركعتين:
كما يشرع له ترك النافلة الراتبة للظهر والمغرب والعشاء، لكن يصلي الوتر، وسنة الفجر، وتحية المسجد، والضحى، والنوافل المطلقة، ونحو ذلك، كما أنه يجوز له صلاة النافلة على مركوبه ولو لغير القبلة.
ج- الأعمال التي تفوته بسبب السفر تكتب له وإن لم يعملها:
كما في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا مرض العبد أو سافر، كتب له مثل ما كان يعمل مقيماََ صحيحا». رواه البخاري كتاب الجهاد باب يُكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة 6/136 برقم 2996.
د- المسافر مستجاب الدعوة:
قال صلى الله عليه وسلم: «ثلاث دعوات مستجابات لاشك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة الوالد ، ودعوة المسافر». رواه أبو داود كتاب الصلاة باب الدعاء بظهر الغيب 2/186 برقم 1536.
من الآداب والأحكام قبل السفر:
1- الاستشارة والاستخارة:
يستحب لمن خطر بباله السفر أن يشاور فيه من يعلم من حاله النصيحة له، والمعرفة بحاله، فإذا شاور وظهر أنه مصلحة استخار الله تعالى في ذلك، فيصلي ركعتين، ويدعو بدعاء الاستخارة، ثم يمضي لما ينشرح له صدره.
2- تجديد التوبة، والتخلص من حقوق الناس التي عليه، وكتابة وصيته:
فإنه لا يدري ما يعرض له في سفره.
3- اختيار الرفقة الصالحة التي تعينه على طاعة ربه:
فإنه في السفر تحصل معاشرة مستمرة، وهذه لها أثرها على الفرد، وليجتنب رفقة السوء، ويكره له أن يسافر وحده؛ للنهي عن ذلك قال صلى الله عليه وسلم: «الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب». رواه أبو داود كتاب الجهاد باب في الرجل يسافر وحده 3/80ى برقم 2607، وقال: «لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سافر راكب بليل وحده». رواه البخاري كتاب الجهاد باب السير وحده برقم 2996. والمسافر وحده قد يحصل له بتفرده وحشة، وتتسلط عليه الهواجيس والأفكار، أو قد يحصل له مرض فلا يجد من يعاونه، ولذلك نهت الشريعة عن الوحدة.
4- أن يتعلم الأحكام التي يحتاجها في سفره:
كأحكام القصر، والجمع، والمسح على الجوربين.
5- لا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع محرم لها أو زوج:
قال صلى الله عليه وسلم: «لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» فقال له رجل: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا؟ قال: «انطلق فحجّ مع امرأتك». رواه البخاري كتاب الجهاد برقم 3006، ومسلم كتاب الحج برقم 1341.
6- أن يتحرى المرء بسفره يوم الخميس إذا لم يشق عليه:
لأنه الغالب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال كعب بن مالك رضي الله عنه: "لقلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إذا خرج في سفر إلا يوم الخميس". رواه البخاري كتاب الجهاد برقم 2949.
7- أن يودع أهله وأصحابه:
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، ويفعله أصحابه رضي الله عنهم، ومما ورد في ذلك أن يقول القيم للمسافر: "أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه". رواه أحمد 2/403، والنسائي في اليوم والليلة برقم 508.
من الآداب والأحكام أثناء السفر وبعده:
1- أن يستفتح سفره بذكر الله تعالى:
فيقول الدعاء الوارد عند الركوب، والدعاء الوارد عند السفر خاصة.
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى بعيره خارجاَ إلى سفر كبّر ثلاثاَ، ثم قال: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هوّن علينا سفرنا هذا واطو عنّا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل". رواه مسلم كتاب الحج برقم 1342.
2- أن يؤمّر الجماعة عليهم واحدَا منهم:
قال صلى الله عليه وسلم: "إذا خرج ثلاثة في سفر، فليؤمروا أحدهم". رواه أبو داود كتاب الجهاد برقك 2608.
3- يسن للمسافر إذا صعد مكاناَ مرتفعاّ أن يكبر الله تعالى، وإذا انحدر إلى واد أن يسبح الله تعالى، قال جابر رضي الله عنه: "كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا". رواه البخاري كتاب الجهاد برقم 2293.
4- إذا نزل منزلا قال الدعاء المذكور في حديث خولة بنت حكيم رضي الله عنها: أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من نزل منزلا، ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق، لم يضرّه شيء حتى يرتحل من منزلة ذلك». رواه مسلم كتاب الذكر والدعاء برقم 2708.
5- التعجيل بالرجوع إلى أهله متى انقضت حاجته:
قال صلى الله عليه وسلم: «السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه، فإذا قضى مهمته فيعجل إلى أهله». رواه البخاري كتاب العمرة برقم 1804.
6- إذا رجع ذكر الدعاء الذي قاله عند ابتداء سفره وزاد عليه "آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون".
7- أن يصلي ركعتين في المسجد إذا رجع إلى بلده:
ففي حديث كعب بن مالك قال: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين". رواه البخاري كتاب المغازي برقم 4418 ، ومسلم كتاب التوبة برقم 2769.